اصدرت النقابة العامة للعاملين بالكهرباء في الاردن ورقة تقدير موقف حول مشروع القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي وقالت النقابة في ورقة الموقف إن الضمان الاجتماعي يعتبر من الحقوق الأساسية للعمال التي يجب المحافظة عليها وتطويرها وتحس ، وتعتبر الاتفاقية الدولية 102 هي اللبنة الأساسية التي يجب الانطلاق منها لضمان تمتع العمال بالحمايات الاجتماعية كونها تتحدث عن المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي، ففي الوقت الذي كانت الحركة النقابية في الأردن تترقب تحسينات على هذه المعايير كون قانون الضمان الاجتماعي في الأردن لا يغطيها جميعاً؛ إلا أننا تفاجئنا باقتراح تعديلات على قانون الضمان الاجتماعي نعتقد نحن في نقابة عمال الكهرباء أنها تشكل تراجعاً في المعايير الدنيا الواردة في هذه الاتفاقية وبالتالي تؤثر سلباً على الحماية الاجتماعية لعمالنا.
نحن في النقابة العامة للعاملين بالكهرباء في الأردن وبعد اطلاعنا على مواد مشروع القانون المعدل نعتقد أن هذا المشروع يحمل في طياته تعديلات ايجابية كالتعديلات الخاصة بالمتقاعدين العسكريين والتعديل الخاص بتهرب أصحاب العمل من تأمين العمال وتلك المتعلقة بالأمومة، الا إننا في ورقة تقدير الموقف هذه سنسلط الضوء على أبرز التعديلات التي نعتقد أنها تؤثر تأثيراً مباشراً وسلبياً على الحماية الاجتماعية وتشكل انتقاصاً للحقوق الأساسية للعمال:
أولاً : طريقة وتوقيت طرح هذه التعديلات لا تعتبر الطريقة المثالية في إجراء تعديلات على قانون يمس جميع عمال الأردن فقد كان الأولى أن يسبق هذه التعديلات مشاورات وحوارات مع الجهات التي تمثل العمال كالنقابات العمالية، فنحن في نقابة عمال الكهرباء نؤكد أنه لم يتم دعوتنا لأي حوار قبل اعتماد هذه التعديلات وإرسالها من قبل الحكومة إلى مجلس الأمة، ناهيك عن إرسال هذه التعديلات لدورة مؤقتة لمجلس النواب سيؤثر حتماً على طبيعة الحوارات والنقاشات التي ستدور حول هذه التعديلات كونها ستكون حوارات تحت سيف الوقت.
ثانياً : إن تشجيع المشاريع والشركات الريادية لا شك أنها حاجة وطنية واقتصادية وتشجع على الاستثمار وتقوي أصحاب العمل وبالتالي توفير فرص عمل للعمال، إلا إن تشجيع هذه الشركات لا يجوز بحال من الأحوال أن تكون على حساب الحماية الاجتماعية للعمال، لذلك نعتقد أن التعديل المقترح بخصوص إعفاء الشركات الريادية من تأمين العمال في الضمان الاجتماعي لمدة خمس سنوات يعتبر تعدي على الحقوق الأساسية للعمال ومخالفة للاتفاقية الدولية 102 وتراجعاً غير مبرر عن الحماية الاجتماعية للعمال.
ثالثا ً: إن النقابة العامة للعاملين بالكهرباء في الأردن لطالما حثت عمالها على مواصلة العمل والبناء والإنتاجية وعدم اللجوء إلى التقاعد المبكر خاصة لغير العاملين في المهن الخطرة، إلا إننا في نقابة عمال الكهرباء عانينا كثيراً من هذا الأمر بسبب إنهاء خدمات عمالنا المستوفين لشروط التقاعد المبكر من قبل أصحاب العمل.
في الوقت الذي نسعى فيه لتعديلات على قانون العمل لإحكام وضبط الفصل التعسفي للعمال بسهولة من قبل أصحاب العمل و تحسين أجور العمال كوننا نعتبر أن عدم كفاية الأجور الحالية وبحث العامل إلى مصادر دخل إضافية لمواجهة أعباء الظروف الاقتصادية الصعبة هو أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع العمال إلى التقاعد المبكر؛ تأتي التعديلات المقترحة بإلغاء التقاعد المبكر ليتم تحميل العمال وخاصة العاملين منهم في المهن الخطرة ثمن الخلل في بعض التشريعات الخاصة بالفصل التعسفي للعمال وتسلط أصحاب العمل وضعف الأجور.
إن غياب رؤية واضحة لدى مقترحي هذه التعديلات بخصوص العاملين بالمهن الخطرة ناهيك عن الشروع بالحديث عن إلغاء التقاعد المبكر قبل العمل على إرساء وإقرار التأمين ضد البطالة كأحد المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي الواردة في الاتفاقية 102 ، وإغفال تعديل التشريعات الوطنية كقانون العمل بالإضافة لتحسين أجور العمال؛ كل هذه العوامل تجعل طرح إلغاء التقاعد المبكر اقتراحاً مرفوضاً رفضاً قاطعاً.
رابعاً : إن حديث مؤسسة الضمان عن عدم تغطية جميع العمال تحت مظلة الضمان الاجتماعي وتفشي ظاهرة تهرب أصحاب العمل من تأمين عمالهم وبالتالي تبرير بعض التعديلات المقترحة لزيادة إيرادات المؤسسة لمواجهة فاتورة التقاعد، لتدفعنا إلى التساؤل عن إغفال المؤسسة عن العمل لتوسيع مظلة العمال المؤمنين من خلال إشراك قطاعات جديدة واتخاذ إجراءات حازمة ضد أصحاب العمل المتهربين والعمل على تطوير التشريعات لتشمل العمل غير المنظم في الأردن، ولعل من أبرز هذه الحلول السريعة هو تخفيض اشتراكات الضمان الاجتماعي الأمر الذي سيفتح المجال لدخول أعداد كبيرة تحت هذه المظلة والحد من تهرب أصحاب العمل من تأمين عمالهم.
إن النقابة العامة للعاملين بالكهرباء في الأردن وكعادتها لتعتبر أن الحوار الاجتماعي هو الحل للكثير من القضايا العمالية والوطنية وان غياب هذا الحوار واستفراد الحكومة باتخاذ القرارات والتعديلات وإغفال السماع الجدي لصوت العمال من شأنه أن يبقينا في دائرة التشنج والتوتر في الوقت الذي نحن جميعاً بحاجة إلى التقاء الشركاء الاجتماعيين على طاولة مستديرة نتناقش ونتحاور من أجل رفعة وطننا وتحسين وتطوير تشريعاتنا الوطنية والحفاظ على حقوق عمالنا الأساسية والعمل على تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية.