اتفق خبراء في مجال الطاقة على أن التعرفة الكهربائية المطبقة في المملكة تعاني تشوهات بسبب الخلل في توزيع قيم هذه التعرفة، ما يستدعي هيكلة هذه التعرفة بحيث تغطي الكلفة الحقيقية لإنتاج الكهرباء وتخفيفها عن القطاعات الأكثر تضررا، مع ضمان دعم الفئات المستحقة بشكل حقيقي.
دعا الخبراء إلى تطبيق تعرفات مختلفة خلال اليوم الواحد لمختلف الشرائح الاستهلاكية بما يحفز المستهلكين على نقل استهلاكهم إلى فترات التعرفة الدنيا وبما يحافظ على سلامة النظام الكهربائي.
وأعلن البنك الدولي، السبت الماضي، أن الحكومة وبموجب برنامج صندوق النقد الدولي التزمت بخطة مدتها 3 سنوات ابتداء من العام 2021 لتعديل تعرفة الكهرباء لتحسين استهداف الدعم المقدم للأسر وخفض التكلفة العالية على شركات الكهرباء.
وكانت آخر مرة عدلت فيها الحكومة أسعار التعرفة الكهربائية في شباط 2015 فيما خفضتها لاحقا بشكل محدود على بعض الشرائح الاستهلاكية.
وبهذا الخصوص، قال عميد الكلية الجامعية الوطنية للتكنولوجيا الدكتور أحمد السلايمة، إن فكرة توجيه دعم نقدي مباشر للفئات المستحقة والمحتاجة مع الغاء وجود شرائح مدعومة على فاتورة الكهرباء قد يكون من الخيارات المطروحة في هذا الخصوص.
كما بين أن وجود فكرة شرائح مدعومة يمكن غير المستحقين للدعم من الحصول عليه وهذا يحمل الشرائح الأعلى كلفة دعم هؤلاء، مبينا أن توحيد الشريحة على جميع الفئات الاستهلاكية مع ضمان دعم المستحقين قد يكون الأكثر ملاءمة لضمان تأمين الكلفة الحقيقية لإنتاج الكهرباء في الأردن.
ووصل تراكم ديون شركة الكهرباء الوطنية والتي وصلت إلى 7.18 مليار دولار بفعل إقامة الأردن لاستثمارات كبيرة في قدرات التوليد الجديدة ابتداء من العام 2007 بغرض تلبية الطلب المتنامي وتعزيز أمن الطاقة الوطني.
من جهته، قال مصدر مسؤول إن التعرفة الحالية لبعض الشرائح لا تغطي الكلفة الحقيقية لإنتاج الكهرباء فيما يتم تحميل الفارق للشرائح الاستهلاكية الأعلى ولكبار المستهلكين من خلال فرض قيم أعلى عليهم.
ورأى المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، ان الأجدى هو معالجة هذا الخلل من خلال توجيه الدعم في هذه الخصوص بشكل مباشر للمستحقين، وذلك لتحقيق العدالة في التعرفة المفروضة على مختلف المستهلكين.
كما دعا إلى تطبيق تعرفات مختلفة خلال اليوم الواحد لمختلف الشرائح الاستهلاكية بما يحفز المستهلكين على نقل استخدامهم للانشطة الأكثر استخداما للطاقة إلى فترات التعرفة الدنيا وبما يحافظ في الوقت ذاته على سلامة النظام الكهربائي عموما.
يذكر أن عدد مشتركي خدمة الكهرباء في المملكة زاد بنسبة 12.4 % خلال السنوات ما بين 2016 و2019 بحسب آخر أرقام رسمية عن شركة الكهرباء الوطنية في هذا الخصوص.
وبحسب هذه الأرقام، ارتفع عدد المشتركين في مختلف مناطق المملكة إلى زهاء 2.3 مليون مشترك من نحو 2.2 مليون مشترك في العام الذي سبقه وبزيادة نسبتها 2.8 % فيما كان عدد المشتركين العام 2016 نحو 2.06 مليون مشترك.
أما العدد الأكبر من المشتركين، فكان من فئة المباني السكنية والحكومية وبمجموع بلغ نحو 2.01 مليون اشتراك، ثم التجاري والفنادق بمجموع قارب 261.3 ألف اشتراك ثم الصناعية بمجموع بلغ نحو 18.8 ألف اشتراك، ثم إنارة الشوارع بمجموع بلغ نحو 13.7 ألف اشتراك، الزراعة والمياه بمجموع بلغ نحو 10.5 ألف اشتراك.
وقال مدير عام غرفة صناعة عمان الدكتور نائل الحسامي إن هنالك فائضا في إنتاج الكهرباء ونقصا بالطلب بسبب ارتفاع أسعار التعرفة الكهربائية.
وبين الحسامي أن التخلص من الفائض وتحفيز الطلب على الكهرباء يتطلب إعادة هندسة الأسعار من خلال إعادة النظر في آلية تسعير التعرفة وضمن إجراءات واضحة ومحددة.
واقترح الى مبدأ تفاوت التعرفة حسب وقت الاستخدام من أجل تحفيز الطلب على الكهرباء، بمعنى أنه خلال فصل الربيع والخريف، ينخفض استهلاك الكهرباء والإنتاج كبير ما يتطلب أن تكون هنالك تعرفة موسمية أو أسعار ليلي نهاري أو أسبوعي.
وأكد أن تحفيز الطلب من خلال تخفيض التعرفة يؤدي إلى زيادة الاستهلاك، مشددا على ضرورة ان يكون هنالك خصوصية في أسعار التعرفة الكهربائية للقطاعات التي تعتمد على الكهرباء بشكل كبير.
وأوضح ان غرفة صناعة عمان تعمل حاليا بالتعاون مع وزارة الطاقة والثروة المعدنية لوضع تصور للصناعات غير الموجودة في الأردن لإعادة توطينها وزيادة القيمة المضافة وتوليد المزيد من فرص العمل عبر إيجاد تعرفة كهرباء متوازنة تضمن استمرارية هذه الصناعات على المدى الطويل.
وبين أن تخفيض التعرفة الكهربائية تساهم بشكل كبير في زيادة تنافسية المنتج المحلي محليا وخارجيا ما يعني التوسع بالإنتاج وزيادة الصادرات وتعزيز احتياطي المملكة من العملات الأجنبية إضافة إلى توفير فرص العمل.
وعودة إلى تقرير البنك الدولي، فقد أشار إلى أن قطاع الطاقة يشكل اليوم نحو 20 % من الدين العام وأن قطاع الكهرباء أكبر مصدر للمطلوبات الطارئة في الأردن كونه القطاع ذا الحجم الأكبر من العقود طويلة الأجل والمضمونة من قبل الحكومة الأردنية، وبالتالي تكتسب معالجة ديون قطاع الكهرباء واستدامته المالية أهمية بالغة لمعالجة التحديات الكلية المالية والدين العام، كما يعد وجود قطاع كهرباء كفؤا أساسيا لتعزيز التنافسية ومواصلة نمو الاقتصاد.