الغاء التقاعد المبكر يغلق الباب أمام أنهاء خدمات العمال .. بهذه العبارة وصف السيد موسى الصبيحي الناطق الاعلامي لمؤسسة الضمان الاجتماعي ، حيث دافع السيد صبيحي عن مبررات مؤسسة الضمان لاقتراح مشروع القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي والذي يأتي -بحسب الصبيحي- على ثلاثة محاور رئيسية:
أولاً: للاسهام في تشجيع بيئة الأعمال والمشاريع الريادية من خلال اعطاء الصلاحة لمؤسسة الضمان الاجتماعي من استثناء المؤسسات الريادية والناشئة لأول خمس سنوات من كلف بعض التأمينات الاجتماعية كتأمين الشيخوخة.
ثانياً: التعديل المتعلق بالأمومة من خلال المساهمة بايراد الاشتراكات عن تأمين الأمومة (0.75%) من اشتراكات العاملين للمساهمة في دفع جزء من كلف ورسوم الحضانات عن النساء العاملات وذلك بهدف تشجيع انخراط المرأة في سوق العمل وخاصة في القطاع الخاص.
ثالثاً: تعزيز الحماية الاجتماعية : حيث سيتم منح الزيادة على وراتب المتقاعدين باحتساب قيمة الزيادة السنوية بناءاً على نسبة التضخم وتقسيم هذه الزيادة بالتساوي على عدد المشتركين وليس من خلال نسبة مئوية كما هو معمول به حالياً بذلك نضمن تحقيق الانصاف أكثر بين المتقاعدين وتقليل فجوة الراوتب بين الرواتب العالية والمتدنية.
وأضاف الصبيحي أنه سيكون هناك تحسين على تأمين التعطل عن العمل بحيث سيتم توسيع الاستفادة منه لغايات التعليم الجامعي والمهني لأبناء المؤمن عليه وليس حصره بالتعطل عن العمل فقط.
موسى الصبيحي الناطق الاعلامي لمؤسسة الضمان الاجتماعي
وفيما يتعلق بتهرب أصحاب العمل من تأمين العاملين لديهم من الاشتراك بالضمان الاجتماعي وضح الصبيحي أن التعديلات المقترحة الجديدة ستعالج هذه الظاهرة بشكل جذري حيث سيكون متاحاً للعامل التبليغ عن صاحب العمل الذي يحرمه من الضمان الاجتماعي خلال ستة أشهر من تاريخ انهاء خدمته وليس من تاريخ بداية خدمته كما هو معمول به حالياً، وبحسب الصبيحي فإن هذا الاجراء سيمنح العامل الحفاظ على حقوقه وعدم الخوف من ابلاغ مؤسسة الضمان الاجتماعي حفاظاً على وظيفته وستكون مؤسسة الضمان الاجتماعي ملزمة بتحصيل حق هذا العامل واشراكه بالضمان بأثر رجعي.
وفيما يخص المتقاعدين العسكريين نوه الصبيحي أن مقترح التعديلات الجديدة ستمنح هؤلاء العسكريين تحسينات جديدة وجوهرية.
وفيما يخصل القضية الأكثر جدلية في مشروع القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي وهي الغاء التقاعد المبكر أكد الصبيحي أن النص المعدل المقترح بخصوص التقاعد المبكر سيكون خاصاً بمن سيشتركون بعد نفاذ القانون المعدل وأن جميع المشتركين حالياً والبالغ عددهم مليون وثلاثمائة ألف (1.300.000) مشترك فعال لن يتأثروا بهذا التعديل وأيضاً لن يتأثر كل من اشترك سابقاً ولو لشهر واحد .
وعن أسباب توجه الضمان الاجتماعي نحو الغاء التقاعد المبكر أكد الصبيحي أن التقاعد المبكر أصبح ظاهرة ملفتة حيث أن نسبة المتقاعدين المبكر من مجمل متقاعدي الضمان بلغ 48% (113) ألف متقاعد من أصل (233) ألف متقاعد، وأن فاتورة الرواتب التقاعدية لشهر حزيران الماضي على سبيل المثال بلغت (95) مليون دينار أردني ، كان حصة التقاعد المبكر منها (56) مليون دينار أي أن ما نسبته (59%) من الفاتورة الشهرية تذهب للتقاعد المبكر.
حمادة أبو نجمة مدير بيت العمال أكد على ضرورة تعديل على قانون الضمان الاجتماعي بعد خمس سنوات من تطبيقه ويجب أن تعبر هذه التعديلات عن احتياجات الأطراف المتأثرة به والسلبيات التي ظهرت خلال التطبيق، وهي مبررات تتطلب جميعها أن تطرح للحوار بمشاركة شرائح واسعة من المجتمع وممثليه، الا أن ما حدث هو العكس تماماً، حيث لم يتم الإعلان عن أي إجراءات تتعلق بكيفية إعداده.
واعتبر أبو نجمة أن قانون بحجم قانون الضمان الاجتماعي الذي يمس حياة ومستقبل الغالبية العظمى من المواطنين إجتماعياً وإقتصادياً، يجب أن يحظى أي تعديل عليه بحوار وطني شامل، لا أن يقتصر على النخبة، وأن يتم الإستماع إلى رأي الغالبية العظمى من المتأثرين بوسائل مختلفة، والأخذ قدر الإمكان بتوجهاتهم، وبما يضمن المصالح المشتركة للجميع، فأنظمة الضمان الإجتماعي في الدول المتقدمة تقودها مجالس منتخبة مباشرة من الجمهور، وآليات عملها واتخاذ قراراتها تعتمد بصورة أكبر على استطلاع رأي المواطنين بمختلف الوسائل.
وبخصوص اقتراح الغاء التقاعد المبكر أشار أبو نجمة أن هذا التعديل قد يكون مفيداً لحماية مدخرات صندوق الضمان من الإستنزاف، كونه سيقلل من حجم الرواتب التقاعدية التي سيدفعها، ويزيد من إيرادات المشتركين، وهذا أمر منطقي، غير أنه لم يأخذ بعين الإعتبار الفئات الضعيفة من العاملين، وبشكل خاص ممن يعانون من انخفاض أجورهم، حيث تبلغ نسبة المشتركين الأردنيين الذين يتقاضون أجوراً تقل عن معدل الفقر للأسرة ما يقرب من 25% من مجموع المشتركين، وهم يجدون في التقاعد المبكر فرصة لتحسين دخلهم من خلال الجمع بين الراتب التقاعدي وراتب العمل.
حمادة أبو نجمة مدير بيت العمال
وطالب أبو نجمة بضرورة التأني في التوجه نحو إلغاء التقاعد المبكر، وأن يسبق ذلك تطبيق سياسات فعالة لرفع مستويات الأجور، وبشكل خاص الحد الأدنى للأجور بما يضمن تغطية احتياجات العامل وأسرته لضمان حياة كريمة، إضافة إلى ضرورة العمل على إيجاد بدائل عادلة في قانون الضمان نفسه من خلال استثناء فئات وحالات معينة من هذا الإلغاء، من ذلك ذوي الأجور المنخفضة، وذوي المسؤوليات العائلية، والعاملين في أعمال خطرة ومرهقة...وأن يتم العمل على تطبيق رفع سن التقاعد المبكر تدريجياً بدلاً من الإلغاء الفوري، وإصلاح شروط تأمين التعطل عن العمل بحيث يصبح تأميناً فعالاً ضد البطالة وفق الشروط المتعارف عليها دولياً، حيث أن تأمين التعطل الذي يفترض فيه أن يشكل ضمانة لمن يفقد عمله وبديلا فعالا للإستقرار الوظيفي الذي يبحث عنه كل مواطن، لم ينجح في تحقيق ذلك، لأنه ببساطة قد أوجب خصم الإستحقاقات التي يستوفيها المتعطل عن العمل خلال فترة تعطله من رصيد اشتراكاته عن تأمين التعطل، وذلك عند وصوله سن تقاعد الشيخوخة، وهو أمر يفقد هذا التأمين فعاليته وحيويته في توفير الأمان الوظيفي للعاملين عند تعطلهم، ويؤدي إلى تفضيل المتعطل التوجه نحو التقاعد المبكر كبديل أكثر أماناً.
من جهته رفض السيد مازن المعايطة رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الاردن رفضا قاطعا قرار الحكومة المتخذ بتعديل قانون الضمان الاجتماعي فيما يخص التقاعد المبكر .
وأوضح المعايطه " لقد تجاهلت الحكومة مجلس ادارة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي فيما يخص هذا القرار والذي يمثل فيه الاتحاد الطبقة العامله " ، مضيفا أن ذلك مرفوض من حيث المبدأ ويعتبر خطوات فردية تتخذها الحكومة بمعزل عن الأطراف الأخرى في مجلس إدارة المؤسسة .
مازن المعايطة رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن
وأكد المعايطه "أن القانون ينص على أن اي تعديل هو من صلاحيات مجلس الادارة ويجب ان يكون بتنسيب منه ، داعيا الحكومة إلى إعطاء تعديلات القانون وقتا أطول للنقاش والحوار الموسع ، وذلك لطرح جميع الآراء سيما ما يتعلق منها بشريحة العمال وما يصب في مصلحتهم.
أحمد عوض مدير مركز الفينيق للدراسات بدوره أشاد ببعض التحسينات الايجابية خاصفة فيما يتعلق بالأمومة وتحسينات العسكريين الا انه سلط الضوء على تعديلين خطيرين جدا - حسب وصف عوض- وهما :
1- التعديل الخاص بمنح الحكومة الحق في اصدار نظام يمكنها من اعفاء بعض الشركات والمنشآت الناشئة والريادية من توفير بعض الحمايات للعاملين لديها ، حيث لا يجوز وتحت أي ظرف وبأي مبرر كان أن يكون تشجيع المستثمرين والشركات وأصحاب العمل على حساب العمال ، بل كان بامكان الحكومة اتخاذ قرارات ادارية واجراءات أخرى كتخفيض الضرائب والرسوم وتخفيض الفائدة .. الخ بشرط أن نكون بعيدين كل البعد عن حقوق العمال.
2- التقاعد المبكر : حيث أكد عوض أنه ومن حيث المبدأ فإن هناك اجماع على ضرورة الغاء التقاعد المبكر ولكن هذا الأمر له متطلبات حيث يجب معالجة أسباب اقدام هؤلاء العمال على التقاعد المبكر والذي لخصه عوض بأمرين هامين هما :
عدم كفاية الأجور لتغطية متطلبات الحياة مما يدفع العمال الى اللجوء الى التقاعد المبكر والانخراط من جديد في سوق العمل في محاولة من العامل لتحسين دخله ودخل أسرته، والأمر الآخر -حسب عوض- الذي يزيد نسبة التقاعد المبكر هو حالات الفصل التعسفي وغير التعسفي للعمال حيث يجب اتخاذ اجراءات مسبقة كتعديل قانون العمل باتجاه تصعيب فص العاملين تعسفياً وتعديل قانو الضمان الاجتماعي لتحسين تأمين التعطل عن العمل ليصبح تأمين ضد البطالة.
أحمد عوض مدير مركز الفينيق للدراسات
وأكد عوض أن منا نسبته 62% من المسجلين بالضمان الاجتماعي تقل رواتبهم عن 450 دينار أردني ، مما يعني ضرورة اعادة النظر بمستويات الأجور في ظل الغلاء الفاحش ويجب أيضاً رفع الحد الأدنى للأجور الذي وصفه عوض ب (المعيب) حيث وضح عوض أن 20% من مشتركي الضمان الاجتماعي هم من فئة الحد الأدنى للأجور.